Portada | Almadrasa | Foros | Revista | Alyasameen | Islam | Corán | Cultura | Poesía | Andalus | Biblioteca | Jesús | Tienda

 
 

ابن زيدون

 

ثِقي بي، يا مُعَذِّبَتي، فإنّي

ثِقي بي، يا مُعَذِّبَتي، فإنّي سأحْفَظُ فِيكِ ما ضَيّعْتِ مِنّي
وَإنْ أصْبَحْتِ، قد أرْضَيتِ قَوْماً بسخْطي، لم يكنْ ذا فيكِ ظنّي
وَهَلْ قَلْبٌ كقلبِكِ في ضُلُوعي، فأسلو عنكِ، حينَ سَلَوْتِ عَنّي؟
تمنّتْ، أنْ تنالَ رضاكِ، نفسِي، فكانَ، منيّة ً، ذاكَ التّمنّي
ولمْ أجنِ الذّنوبَ فتحقدِيهَا، ولكنْ عادة ٌ منكِ التّجنّي

أسْتَوْدِعُ اللَّه مَنْ أُصْفَي الوِدَادَ لَهُ

أسْتَوْدِعُ اللَّه مَنْ أُصْفَي الوِدَادَ لَهُ مَحضاً، وَلامَ به الوَاشِي، فلم أُطِعِ
إلفٌ، ألذُّ غرورَ الوعدِ يصفحُ لي عَنْهِ، وَيُقْنِعُني التّعليلُ بالخُدَعِ
تجلو المُنى شخصَهُ لي، وهو محتجبٌ عني، فما شئتَ من مرْأًى وَمُستَمَعِ
يا بدرَ تمٍّ بدَا في أفْقِ مملكة ٍ، فراقَ مطّلعاً منْ خيرِ مطّلعِ
أفدي بَدائعَ شَكْلٍ منكِ، مُضْمِرَة ً، لقتلِ نفسي عمداً، أشنعَ البدعِ
تاللَّهِ، أكرَمُ ما أمضَى اليَمِينُ بهِ، منْ دانَ في حبّهِ بالصّدقِ والورعِ
ما لذّ لي قربُ أنسٍ أنتِ نازحة ٌ عَنْهُ، وَلا ساغَ عَيشٌ لستِ فيه معي

إليكِ، منَ الأنامِ، غدا ارتياحي

إليكِ، منَ الأنامِ، غدا ارتياحي، وأنتِ، على الزّمانِ، مدى اقتراحي
وما اعترضتْ همومُ النّفسِ إلاّ، وَمِنْ ذُكْرَاكِ، رَيْحاني وَرَاحي
فديْتُكِ، إنّ صبرِي عنكِ صبرِي، لدى عطشِي، على الماء القراحِ
وَلي أملٌ، لَوِ الوَاشُونَ كَفُّوا، لأطْلَعَ غَرْسُهُ ثَمَرَ النّجَاحِ
وأعجبُ كيفَ يغلبُني عدوٌّ، رضَاكِ عليهِ منْ أمضَى سلاحِ !
وَلمَّا أنْ جَلَتْكِ ليَ، اخْتِلاساً، أكُفُّ الدّهْرِ للحَيْنِ المُتَاحِ
رأيْتُ الشّمسَ تطلعُ منْ نقابٍ، وغصنَ البانِ يرفُلُ في وشاحِ
فَلَوْ أسْتطيعُ طِرْتُ إلَيكِ شَوْقاً، وكيفَ يطيرُ مقصوصُ الجناحِ؟
عَلَى حَالَيْ وِصَالٍ وَاجْتِنَابٍ؛ وَفي يَوْمَيْ دُنُوٍّ وَانْتِزَاحِ
وحسبيَ أنْ تطالعَكِ الأماني بأُفْقِكِ، في مَسَاءٍ أوْ صَبَاحِ
فُؤادي، مِن أسى ً بكِ، غيرُ خالٍ، وقلبي، عن هوى ً لكِ، غيرُ صاحِ
وأنْ تهدِي السّلامَ إليَ غبّاً، ولَوْ في بعضِ أنفاسِ الرّياحِ

إنّي ذكرْتُكِ بالزّهراء مشتاقا

إنّي ذكرْتُكِ بالزّهراء مشتاقا، والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَا
وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ، كأنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا
والرّوضُ، عن مائِه الفضّيّ، مبتسمٌ، كما شقَقتَ، عنِ اللَّبّاتِ، أطواقَا
يَوْمٌ، كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ، بتْنَا لها، حينَ نامَ الدّهرُ، سرّاقَا
نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهرٍ جالَ النّدَى فيهِ، حتى مالَ أعناقَا
كَأنّ أعْيُنَهُ، إذْ عايَنَتْ أرَقى ، بَكَتْ لِما بي، فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا
وردٌ تألّقَ، في ضاحي منابتِهِ، فازْدادَ منهُ الضّحى ، في العينِ، إشراقَا
سرى ينافحُهُ نيلوفرٌ عبقٌ، وَسْنَانُ نَبّهَ مِنْهُ الصّبْحُ أحْدَاقَا
كلٌّ يهيجُ لنَا ذكرَى تشوّقِنَا إليكِ، لم يعدُ عنها الصّدرُ أن ضاقَا
لا سكّنَ اللهُ قلباً عقّ ذكرَكُمُ فلم يطرْ، بجناحِ الشّوقِ، خفّاقَا
لوْ شاء حَملي نَسيمُ الصّبحِ حينَ سرَى وافاكُمُ بفتى ً أضناهُ ما لاقَى
لوْ كَانَ وَفّى المُنى ، في جَمعِنَا بكمُ، لكانَ منْ أكرمِ الأيّامِ أخلاقَا
يا علقيَ الأخطرَ، الأسنى ، الحبيبَ إلى نَفسي، إذا ما اقتنَى الأحبابُ أعلاقَا
كان التَّجاري بمَحض الوُدّ، مذ زمَن، ميدانَ أنسٍ، جريْنَا فيهِ أطلاقَا
فالآنَ، أحمدَ ما كنّا لعهدِكُمُ، سلوْتُمُ، وبقينَا نحنُ عشّاقَا‍!

لئنْ قصَّرَ اليأسُ منكِ الأملْ

لئنْ قصَّرَ اليأسُ منكِ الأملْ؛ وَحَالَ تَجَنّيكِ دُونَ الحِيَلْ
وَنَاجاكِ، بالإفْكِ، فيّ الحَسُودُ، فأعْطَيْتِهِ، جَهْرَة ً، مَا سَألْ
وراقكِ سحرُ العِدَا المفترَى ؛ وَغَرّكِ زُورُهُمُ المُفْتَعَلْ
وأقْبَلتِهِمْ فيّ وجهَ القبولِ؛ وقابلَهُمْ بشرُكِ المقْتَبَلْ
فإنّ ذمَامَ الهوَى ، لمْ أزَلْ أبقّيهِ، حفظاً، كمَا لم أزَلْ
فديتُكِ، إنْ تعجَلِي بالجَفَا؛ فَقَدْ يَهَبُ الرّيثَ بَعْضُ العَجَلْ
عَلامَ أطّبَتْكِ دَوَاعِي القِلَى ؟ وَفِيمَ ثَنَتْكِ نَوَاهِي العَذَلْ؟
ألمْ ألزَمِ الصّبرَ كيْمَا أخفّ؟ ألمْ أكثرِ الهجرَ كي لا أملّ؟
ألمْ أرضَ منْكِ بغيرِ الرّضَى ؛ وأبدي السّرورَ بمَا لمْ أنلْ؟
ألَمْ أغتفِرْ موبقَاتِ الذّنُوبِ، عَمْداً أتَيْتِ بِهَا زَلَلْ؟
ومَا ساءَ ظنِّيَ في أنْ يسيء، بِيَ الفِعْلَ، حُسْنُكِ، حتى فَعَلْ
عَلَى حِينَ أصْبَحْتِ حَسْبَ الضّمِيرِ ولمْ تبغِ منكِ الأماني بدَلْ
وَصَانَكِ، مِنّي، وَفيٌّ أبيٌّ لعلْقِ العلاقة ِ أنْ يبتذَلْ
سَعَيْتِ لِتَكْدِيرِ عَهْدٍ صَفَا، وحاولتِ نقصَ ودادٍ كملْ
فما عوفيَتْ مقتي مِنْ أذى ً؛ ولا أعفيَتْ ثقتي منْ خجَلْ
ومهمَا هززْتُ إليكِ العتابَ، ظاهَرْتِ بَيْنَ ضُرُوبِ العِلَلْ
كأنّكِ ناظرْتِ أهلَ الكلامِ، وَأُوتِيتِ فَهْماً بعِلْمِ الجَدَلْ
وَلَوْ شِئْتِ رَاجَعْتِ حُرّ الفَعَالِ، وعدتِ لتلْكَ السّجايَا الأولْ
فَلَمْ يَكُ حَظّي مِنْكِ الأخَسَّ؛ وَلاَ عُدّ سَهْميَ فِيكِ الأقَلّ
عليكِ السّلامُ، سلامُ الوداعِ، وداعِ هوى ً ماتَ قبْلَ الأجَلْ
وَمَا بِاخْتِيَارٍ تَسَلّيْتُ عَنْكِ، ولكنّني: مكرهٌ لا بطلْ
ولَمْ يدرِ قلبيَ كيفَ النُّزُوعُ، إلى أنْ رأى سيرة ً، فامتثلْ
وَلَيْتَ الذي قادَ، عَفْواً إلَيْكِ، أبيَّ الهَوَى في عنانِ الغزلْ
يُحِيلُ عُذُوبَة َ ذَاكَ اللَّمَى ؛ ويشْفي منَ السُّقْمِ تلكَ المُقَلْ

هلْ راكبٌ، ذاهبٌ عنهمْ، يحيّيني

هلْ راكبٌ، ذاهبٌ عنهمْ، يحيّيني، إذْ لا كتابَ يوافيني، فيُحييني؟
قَدْمِتُّ، إلاّ ذَمَاءً فيَّ يُمْسِكُهُ أنّ الفُؤَادَ، بِلُقْياهُمْ، يِرَجّيني
مَا سَرّحَ الدَّمْعَ مِن عَيني، وأطلَقَه، إلاّ اعتيادُ أسى ً، في القلبِ، مسجونِ
صبراً ‍! لعلّ الذي بالبُعْدِ أمرضَني، بالقُرْبِ يَوْماً يُداوِيني، فيَشفيني!
كيفَ اصطِباري وَفي كانونَ فارَقَنِي قَلْبِي، وهَا نحن في أعقابِ تشرِينِ؟
شَخْصٌ، يُذَكّرُني، فاهُ وَغرّتَه، شمسُ النّهارِ، وأنفاسُ الرّياحينِ
لئنْ عطشتُ إلى ذاكَ الرُّضَابِ لكَمْ قد بَاتَ مِنْهُ يُسَقّيني، فَيُرْوِيني!
وَإنْ أفاضَ دُمُوعي نَوْحُ باكِيَة ٍ، فكمْ أرَاهُ يغنّيني، فيُشجيني !
وإنْ بعدْتُ، وأضنتني الهمومُ، لقد عَهِدْتُهُ، وَهْوَ يِدْنيني، فيُسْليني
أوْ حلّ عقدَ عزائي نأيُهُ، فلكمْ حللتُ، عن خصرِهِ، عقدَ الثّمانينِ
يا حُسنَ إشراقِ ساعاتِ الدُّنُوّ بدَتْ كواكباً في ليالي بعدِهِ الجونِ
واللهِ ما فارقُوني باختيارِهِمِ؛ وَإنْمَا الدّهْرُ، بالمَكْرُوهِ، يَرْمِيني
وما تبدّلْتُ حبّاً غيرَ حبّهمِ، إذاً تَبَدّلْتُ دِينَ الكُفْرِ من دِيني
أفْدِي الحَبيبَ الذي لوْ كَانَ مُقْتَدِراً لكانَ بالنَّفْسِ وَالأهْلِينَ، يَفْدِيني
يا رَبِّ قَرّبْ، على خَيرٍ، تَلاقِينَا، بالطّالِعِ السّعدِ وَالطّيرِ المَيامِينِ

أحِينَ عَلِمْتَ حَظّكَ من وِدادي

أحِينَ عَلِمْتَ حَظّكَ من وِدادي؛ وَلَمْ تَجْهَلْ مَحَلّكَ منْ فُؤادِي
وَقادَنِي الهَوى ، فانقَدْتُ طَوْعاً، وَمَا مَكّنْتُ غَيرَكَ مِنْ قِيَادِي
رضيتَ ليَ السّقامَ لباسَ جسْمٍ، كَحَلْتُ الطَّرْفَ مِنْهُ بِالسُّهَادِ
أجِلْ عينَيْكَ في أسطارِ كتبي، تجدْ دمْعي مزَاجاً للمِدادِ
فدَيْتُكَ ! إنّني قدْ ذابَ قلْبي مِنَ الشّكْوَى إلى قَلْبٍ جَمَادِ

مَا ضرَّ لوْ أنّكَ لي راحمُ

مَا ضرَّ لوْ أنّكَ لي راحمُ؛ وَعِلّتي أنْتَ بِها عَالِمُ
يَهْنِيكَ، يا سُؤلي ويَا بُغيَتي، أنّك مِمّا أشْتَكي سَالِمُ
تضحكُ في الحبّ، وأبكي أنَا، أللهُ، فيمَا بيننَا، حاكمُ
أقُولُ لَمّا طارَ عَنّي الكَرَى قَولَ مُعَنًّى ، قَلْبُهُ هَائِمُ:
يا نَائِماً أيْقَظَني حُبُّهُ، هبْ لي رُقاداً أيّها النّائِمُ!

خَليلَيّ، لا فِطرٌ يَسُرّ وَلا أضْحَى

خَليلَيّ، لا فِطرٌ يَسُرّ وَلا أضْحَى ، فما حالُ من أمسَى مَشوقاً كما أضْحَى ؟
لَئِنْ شاقَني شَرْقُ العُقابِ فَلَمْ أزَل أخُصّ بمحوضِ الهَوى ذلك السفحَا
وَمَا انفكّ جُوفيُّ الرُّصَافَة ِ مُشعِرِي دوَاعي ذكرَى تعقبُ الأسَفَ البَرْحا
وَيَهْتاجُ قصرُ الفارسيّ صبابة ً، لقلبيَ، لا تألُوا زِنادَ الأسَى قدْحا
وَليس ذَميماً عَهدُ مَجلسِ ناصحٍ، فأقْبَلَ في فَرْطِ الوَلُوعِ به نصْحَا
كأنِّيَ لمْ أشهَد لَدَى عَينٍ شَهْدَة ٍ نِزَالَ عِتَابٍ كانَ آخِرُهُ الفَتْحَا
وَقائِعُ جانيها التّجَنّي، فإنْ مَشَى سَفِيرُ خُضُوعٍ بَيْنَنا أكّدَ الصّلْحَا
وَأيّامُ وَصْلٍ بالعَقيقِ اقتَضَيْتُهُ، فإلاّ يكُنْ ميعادُهُ العِيدَ فالفِصْحَا
وآصالُ لهوٍ في مسنّاة ِ مالكٍ، مُعاطاة َ نَدْمانٍ إذا شِئتَ أوْ سَبْحَا
لَدَى رَاكِدٍ يُصْبيكَ، من صَفَحاته، قواريرُ خضر خلتّها مرّدتْ صرحَا
مَعاهِدُ لَذّاتٍ، وَأوْطانُ صَبْوة ً، أجلْتُ المعلّى في الأماني بها قدْحَا
ألا هلْ إلى الزّهراء أوبَة ُ نازحٍ تقضّى تنائيهَا مدامعَهُ نزْحَا
مَقَاصِيرُ مُلكٍ أشرَقَتْ جَنَباتُهَا، فَخِلْنَا العِشاء الجَوْنَ أثناء صِبحَا
يُمَثِّلُ قُرْطَيها ليَ الوَهْمُ جَهرَة ً، فقُبّتَها فالكوْكبَ الرّحبَ فالسّطَحَا
محلُّ ارْتياحٍ يذكرُ الخلدَ طيبُهُ إذا عزّ أن يَصْدى الفتى فيه أوْ يَضْحَى
هُنَاكَ الجِمامُ الزُّرْقُ تَنْدي حِفافَها ظِلالٌ عهِدتُ الدّهرَ فيها فتًى سمحا
تعوّضْتُ، من شَدوِ القِيانِ خلالها، صَدى فَلَوَاتٍ قد أطار الكرَى ضَبحَا
ومِنْ حمليَ الكأسَ المفَدّى مديرُها تَقَحُّمُ أهْوَالٍ حَمَلْتُ لها الرُّمْحَا
أجلْ‍! إنّ ليلي، فوقَ شاطئ نيطة ٍ، لأقْصَرُ مِنْ لَيْلي بآنَة َ فَالبَطْحَا

أضْحَى التّنائي بَديلاً مِنْ تَدانِينَا

أضْحَى التّنائي بَديلاً مِنْ تَدانِينَا، وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا
مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ، حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا
غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدّهرًُ آمينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛ وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا، فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم، هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا
لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا
ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحاً فِينَا
كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه، وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا
بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا
نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا، يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا
حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا
إذْ جانِبُ العَيشِ طَلْقٌ من تألُّفِنا؛ وَمَرْبَعُ اللّهْوِ صَافٍ مِنْ تَصَافِينَا
وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانية ً قِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا
ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما كُنْتُمْ لأروَاحِنَ‍ا إلاّ رَياحينَ‍ا
لا تَحْسَبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا؛ أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا!
وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلاً مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا
يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا
وَاسألْ هُنالِكَ: هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا إلفاً، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا؟
وَيَا نسيمَ الصَّبَا بلّغْ تحيّتَنَا مَنْ لَوْ على البُعْدِ حَيّا كان يحيِينا
فهلْ أرى الدّهرَ يقضينا مساعفَة ً مِنْهُ، وإنْ لم يكُنْ غبّاً تقاضِينَا
رَبيبُ مُلكٍ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأهُ مِسكاً، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا
أوْ صَاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً، وَتَوجهُ مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا
إذَا تَأوّدَ آدَتْهُ، رَفاهِيّة ً، تُومُ العُقُودِ، وَأدمتَهُ البُرَى لِينَا
كانتْ لَهُ الشّمسُ ظئراً في أكِلّته، بَلْ ما تَجَلّى لها إلاّ أحايِينَا
كأنّما أثبتَتْ، في صَحنِ وجنتِهِ، زُهْرُ الكَوَاكِبِ تَعوِيذاً وَتَزَيِينَا
ما ضَرّ أنْ لمْ نَكُنْ أكفاءه شرَفاً، وَفي المَوَدّة ِ كافٍ مِنْ تَكَافِينَا؟
يا رَوْضَة ً طالَما أجْنَتْ لَوَاحِظَنَا وَرْداً، جَلاهُ الصِّبا غضّاً، وَنَسْرِينَا
ويَا حياة ً تملّيْنَا، بزهرَتِهَا، مُنى ً ضروبَاً، ولذّاتٍ أفانينَا
ويَا نعِيماً خطرْنَا، مِنْ غَضارَتِهِ، في وَشْيِ نُعْمَى ، سحَبنا ذَيلَه حينَا
لَسنا نُسَمّيكِ إجْلالاً وَتَكْرِمَة ً؛ وَقَدْرُكِ المُعْتَلي عَنْ ذاك يُغْنِينَا
إذا انفرَدَتِ وما شُورِكتِ في صِفَة ٍ، فحسبُنا الوَصْفُ إيضَاحاً وتبْيينَا
يا جنّة َ الخلدِ أُبدِلنا، بسدرَتِها والكوثرِ العذبِ، زقّوماً وغسلينَا
كأنّنَا لم نبِتْ، والوصلُ ثالثُنَا، وَالسّعدُ قَدْ غَضَّ من أجفانِ وَاشينَا
إنْ كان قد عزّ في الدّنيا اللّقاءُ بكمْ في مَوْقِفِ الحَشرِ نَلقاكُمْ وَتَلْقُونَا
سِرّانِ في خاطِرِ الظّلماءِ يَكتُمُنا، حتى يكادَ لسانُ الصّبحِ يفشينَا
لا غَرْوَ في أنْ ذكرْنا الحزْنَ حينَ نهتْ عنهُ النُّهَى ، وَتركْنا الصّبْرَ ناسِينَا
إنّا قرَأنا الأسَى ، يوْمَ النّوى ، سُورَاً مَكتوبَة ً، وَأخَذْنَا الصّبرَ يكفينا
أمّا هواكِ، فلمْ نعدِلْ بمَنْهَلِهِ شُرْباً وَإنْ كانَ يُرْوِينَا فيُظمِينَا
لمْ نَجْفُ أفقَ جمالٍ أنتِ كوكبُهُ سالِينَ عنهُ، وَلم نهجُرْهُ قالِينَا
وَلا اخْتِياراً تَجَنّبْناهُ عَنْ كَثَبٍ، لكنْ عَدَتْنَا، على كُرْهٍ، عَوَادِينَا
نأسَى عَليكِ إذا حُثّتْ، مُشَعْشَعَة ً، فِينا الشَّمُولُ، وغنَّانَا مُغنّينَا
لا أكْؤسُ الرّاحِ تُبدي من شمائِلِنَا سِيّما ارْتياحٍ، وَلا الأوْتارُ تُلْهِينَا
دومي على العهدِ، ما دُمنا، مُحافِظة ً، فالحرُّ مَنْ دانَ إنْصافاً كما دينَا
فَما استعضْنا خَليلاً منكِ يحبسُنا وَلا استفدْنا حبِيباً عنكِ يثنينَا
وَلَوْ صبَا نحوَنَا، من عُلوِ مطلعه، بدرُ الدُّجى لم يكنْ حاشاكِ يصبِينَا
أبْكي وَفاءً، وَإنْ لم تَبْذُلي صِلَة ً، فَالطّيفُ يُقْنِعُنَا، وَالذّكرُ يَكفِينَا
وَفي الجَوَابِ مَتَاعٌ، إنْ شَفَعتِ بهِ بيضَ الأيادي، التي ما زِلتِ تُولينَا
إليكِ منّا سَلامُ اللَّهِ ما بَقِيَتْ صَبَابَة ٌ بِكِ نُخْفِيهَا، فَتَخْفِينَا

 

Portada | Almadrasa | Foros | Revista | Alyasameen | Islam | Corán | Cultura | Poesía | Andalus | Biblioteca | Jesús | Tienda

© 2003 - 2019 arabEspanol.org Todos los derechos reservados.