|
واعلم بأن أضرب التوحيد |
قدر ثلاثة بلا مزيد |
|
توحيد رب الناس في الملك وفي |
صفاته وفي العبادة اقتف |
|
فالأول اعتقاد كون الملك |
لله وحده بغير شرك |
|
وأنه رب جميع الخلق |
موجدهم مولي جميع الرزق |
|
والثاني أن يوحد الله على |
أسمائه وفي صفاته العلى |
|
وكل ما به تعالى وصفا |
لنفسه على لسان المصطفى |
|
فإن وصفه به جل لزم |
والحكم في أسمائه كذا التزم |
|
فمن صفاته البقاء والقدم |
جل ابتداء ودواما عن عدم |
|
إذ هو أول بلا بداية |
وآخر يبقى بلا نهاية |
|
ليس له من والد ولا ولد |
حاشا ولا صاحبة جل الصمد |
|
فهو تعالى الواحد الفرد الأحد |
ليس له ند ولا كفو أحد |
|
والملك المالك والمليك |
ليس له في ملكه شريك |
|
ولا مظاهر ولا وزير |
حاشا ولا مثل ولا نظير |
|
بل كل ما سواه فهو خلقه |
عبد له يجري عليه رزقه |
|
فهو السميع العالم البصير |
والحي والمريد والقدير |
|
ومن صفات ذاته القيام |
بنفسه لا الغير والكلام |
|
كلم موسى بكلامه الذي |
من وصف ذاته فبالحق خذ |
|
والصحف والتوراة والزبور |
وبعده الإنجيل والمسطور |
|
أعني كتاب أحمد الأواه |
جميعها عين كلام الله |
|
لفظا ومعنى عند أهل الحق |
وإنما المخلوق صوت الخلق |
|
وحبرهم والخط والسجل |
قضى بهذا العلماء الجل |
|
فالصوت للقارىء والكلام |
لله ذا به قد استقاموا |
|
فاللفظ والمعنى من القرآن |
قد نزلا من ربنا الرحمن |
|
تكلم الله به فاسمعا |
أمينه جبريل نعم مودعا |
|
فبلغ النبي جبرائيل |
جميع ما حمله الجليل |
|
ثم تلقاه من النبي |
أصحابه بلفظه القدسي |
|
وأنه الآن على ما قد نزل |
ولا يزال هكذا ولم يزل |
|
مبرأ عن اتيان الباطل |
ليس بمنسوخ ولا مبدل |
|
ونحو طس ويس وما |
ضاهاهما ربي به تكلما |
|
وقد أتى الترتيب منه حسبما |
لقنه نبينا وعلما |
|
وحسبما أثبت في المصاحف |
رسما فلا تصغ إلى مخالف |
|
ثم كلام الله كالقرآن |
ليس بمحدث ولا بفاني |
|
واللفظ من ذلك والمعاني |
في الحكم عند العلما سيان |
|
فمن يقل بأنه قول البشر |
فكافر والله يصليه سقر |
|
ومن يقل بخلقه أو سطره |
فهو مضل فاستعذ من شره |
|
هذا هو الحق فدع عنك الهوى |
والله ربنا على العرش استوى |
|
لكن بلا كيف ولا تمثيل |
جل فنزهه بلا تعطيل |
|
فالواجب الإيمان باستوائه |
ولا تفسرنه باستيلائه |
|
إليه تعرج الملائك العلا |
والروح والأمر ومنه أنزلا |
|
والمصطفى به إليه أسرى |
فجاوز السبع الطباق فادر |
|
فطيب القول إليه يصعد |
وفطرة الخلق بهذا تشهد |
|
هلا سألت كل عبد يسأل |
هل نفسه تجنح إلا للعلو |
|
وأنه قد رفع ابن مريما |
له وسمى نفسه من في السما |
|
وقد أشار المصطفى بالأصبع |
نحو السماء مشهدا في مجمع |
|
فالله ذو العرش على العرش استوى |
وعلمه لكل شيء قد حوى |
|
وما اقتضى التشبه مثل العين |
والوجه والاصبع واليدين |
|
وتؤمن به لكن مع التنزيه |
له عن التمثيل والتشبيه |
|
فالله ليس مثله شيء ولا |
له سمى جل شأنا وعلا |
|
فذاته لا تشبه الذوات |
ووصفه لا يشبه الصفات |
|
من شبه الله بخلقه كفر |
ومن نفى صفاته أصلى سقر |
|
والمؤمنون كلهم في الأخرى |
يرون ربهم عيانا طرا |
|
وكل ما قدره الله وما |
قضى به إيماننا قد لزما |
|
فالله خالق لفعل عبده |
جميعه من خير أو من ضده |
|
لأنه قد أوجد العبادا |
وكل ما قد عملوا إيجاد |
|
لكن يلامون على ما كسبوا |
ذهو فعلهم إليهم ينسب |
|
فمن يشأ وفقه بفضله |
ومن يشأ أضله بعدله |
|
ثم الشقي ذو الشقاء الأزلي |
كعكسه فليس بالمنتقل |
|
وأرسل الله تعالى الرسلا |
لقطع أعذار الورى تفضلا |
|
والصدق والتبليغ والأمانة |
في حقهم يلزم كالصيانة |
|
عن مطلق الذنوب والرذائل |
إذ شأنهم حيازة الفضائل |
|
ومن أجاز كذبهم للمصلحة |
فكافو ردته متضحة |
|
ثم نبوة النبيين هبة |
من ربهم ذو الفضل لا مكتسبة |
|
ثم جميع الأنبياء والرسل |
بينهم تفاوت في الفضل |
|
لكنهم قد ختموا بالأفضل |
منهم نبينا ختام الرسل |
|
فلا نبي بعده كلا ولا |
مبشرا أو منذرا أو مرسلا |
|
فما لشرع دينه من ناسخ |
وما لعقد حكمه من فاسخ |
|
وكل شرع قبل شرعه نسخ |
بشرعه الزاكي الذي لا ينتسخ |
|
لكن شرعه الزكي المرضي |
يجوز نسخ بعضه بالبعض |
|
لحكمة وسر أمر مقضى |
وليس في ذاك له من نقض |
|
وأيد الله جميع الرسل |
بمعجزات باهرات العقل |
|
كي يلزم الحجة أهل الجهل |
وكل ذا على سبيل الفضل |
|
وأيد الله نبينا بما |
أيد رسله به وأعظما |
|
فمعجزات المصطفى لا تحصى |
عدا ولا توعى ولا تستقصى |
|
منها كلام الله نعم المعجز |
بحر محيط بالعلوم موجز |
|
ما مثله في الحسن والصياغة |
قد عجزت عن مثله البلاغة |
|
وقد تحدى الله سائر البشر |
والجن من ذاك بأقصر السور |
|
فأحجموا عن ذلك الميدان |
ولم يكن لهم به يدان |
|
ثم بمعراج النبي حسبما |
أخبرنا إيماننا قد لزما |
|
أسرى بروحه وبالجسم معا |
على البراق ليله فارتفعا |
|
فجاوز السبع السموات العلى |
وقد رأى الله إلهه علا |
|
وقد دنا من ربه فأوحى |
إليه جل شأنه ما أوحى |
|
هذا هو الحق فدع عنك المرا |
وكم لرسل الله من فضل جرى |
|
ومن جميع السوء زوجات النبي |
براء فقد طبن لذاك الطيب |
|
فما زنت زوج نبي قط |
حاشا وما زنى عداه السخط |
|
وافضل القرون قرن المصطفى |
فمن قفاهم ثم من لهم قفى |
|
وافضل الصحابة الصديق |
ذو السبق عبد الله أو عتيق |
|
ثم المكنى بأبي حفص عمر |
ثم ابن عفان الشهيد ذو الغرر |
|
ثم علي ثم باقي العشرة |
فالبدري فالأحدي فاهل السمرة |
|
والكف عما بينهم قد شجرا |
حتم فإن خضت فكن معتذرا |
|
ومالك والفاضل النعمان |
والشافعي والرضي سفيان |
|
والليث والحبر الإمام أحمد |
والظاهري الفاضل المعتمد |
|
ونحوهم أئمة يهدونا |
بالحق أيضا وبه يقضونا |
|
ولم يحب تقليدهم إلا لمن |
يعجز عن فهم الكتاب والسنن |
|
والموت حق مالك قد وكلا |
بقبض روح من أتم الأجلا |
|
وكل من مات بهدم أو غرق |
أو قتل أكل سباع أو حرق |
|
أو نحوها من كل مزهق حصل |
مات بعمره وقد حان الأجل |
|
والروح لا تفنى ولا عجب الذنب |
ومنه ينشى جمسه الذي ذهب |
|
والروح بعد الموت في نعيم |
أو في عذاب موجع أليم |
|
والشهداء يرزقون أحياء |
عند الههم كما في الدنيا |
|
أرواحهم في جوف طير خضر |
تجنى من الجنة خير الثمر |
|
وتنتهي إلى قناديل ذهب |
قد علقت بالعرش فاطرح الريب |
|
واعلم بأن فتنة القبور |
حق كما في الخبر المأثور |
|
وهي سؤال الهالك الدفين |
حين يوارى عن أصول الدين |
|
عن ربه والدين والنبي |
كما أتى في الخبر المروي |
|
والساعة الدهماء حق واقعة |
ميقاتها أظل وهي القارعة |
|
وهي بأن ينفخ إسرافيل |
في الصور إذ يأمره الجليل |
|
ثم ترى السماء تمور مورا |
مثل الرحى حين تدور دورا |
|
وتنثر النجوم منه كالمطر |
وتجمع الشمس هناك والقمر |
|
كلاهما صورته مغيرة |
ذا خاسف وهذه مكورة |
|
وتنكفي السماء مثل الفلك |
من بعد أن يشق هذا الملك |
|
ثم تصير وردة كالدهن |
والمهل والجبال مثل العهن |
|
وسيرت من شدة الزلزال |
ثم غدت من جملة الرمال |
|
ثم البحار فجرت تفجيرا |
وبالجحيم سجرت تسجيرا |
|
ثم إذا ما حان اخراج الورى |
صب على الأرض تعالى مطرا |
|
أبيض كالمنى أربعينا |
يوما فمن ذلك ينبتونا |
|
كالبقل ثم يبعث الله الملك |
لنفخه في الصور بعد ما هلك |
|
ثم يصيح صيحة في الصور |
ينفض منها ساكنو القبور |
|
فترجع الأرواح للأجساد |
فذاك يوم الحشر والمعاد |
|
فيه يعاد الجسم والروح معا |
وينهض الميت سريعا فزعا |
|
يمشون حافين عراة غرلا |
لموقف فظيع يشيب الطفلا |
|
ثم به يحاسب المكلف |
عن كل شيء وتطير الصحف |
|
ويستقر في يمين المتقى |
كتابه وعكس ذلك الشقي |
|
والوزن بالميزان للصحائف |
حق فدع عنك هوى المخالف |
|
ويضرب الجسم على جهنما |
ثم تجوزه العابد حسبما |
|
جدوا إلى الطاعة بالمسارعة |
في دار دنياهم فتلك المزرعة |
|
والجنة الحسناء مع جهنم |
أوجدنا من قبل خلق آدم |
|
ثم كلا الدارين لا تفني كما |
لا يدرك الفناء من حلهما |
|
ولم يخلد مؤمن في النار |
بذنبه بل جملة الكفار |
|
والشرك لا يغفره الله حشا |
وغير يغفره لمن يشا |
|
والسيئات بعضها صغائر |
كما أتى وبعضها كبائر |
|
فالعمل الصالح للصغائر |
مكفر كالترك للكبائر |
|
فالوضوء والجمعة والصلاة |
والصوم والحج مكفرات |
|
وإنما كفارة الكبائر |
بتوبة العبد وعفو الغافر |
|
ويؤمر المذنب بالمتاب |
من ذنبه فورا على الإيجاب |
|
والتوبة الإقلاع منه والندم |
ورده مظلمة الذي ظلم |
|
والله جل شأنه تكفلا |
لخلقة برزقهم تفضلا |
|
فيرزق الله الحلال المحكما |
ويرزق المكروه والمحرما |
|
ولا ينافي الأخذ بالأسباب |
توكل العبد على الصواب |
|
فالمصطفى المختار غير متكل |
قال لمن يسأل قيد واتكل |
|
وكل ما جاء به الرسول |
حق له يلزمنا القبول |
|
وهو على قسمين ما قد علما |
مجيئه به ضرورة وما |
|
سوايا فالأول من له جحد |
فإنه يقتل كفرا دون حد |
|
وقد تناهى القول في الأسماء |
وفي صفاته على استيفاء |